تخيّل معي صفًّا دراسيًّا يمتلك فيه كلّ طالب معلّمًا خاصًّا يفهم قدراته، ويعرف متى يحتاج إلى مساعدة، ويقدّم له التدريبات المناسبة في الوقت المناسب. يبدو كالخيال؟ هذا بالضبط ما يجعله الذكاء الاصطناعيّ إمكانيّة حقيقيّة اليوم.
وليست هذه مجرّد تخمينات أو آمال مستقبليّة. في نيجيريا، أظهرت دراسة حديثة أجريت عام 2024 أنّ الطلّاب الّذين استخدموا الذكاء الاصطناعيّ كمعلّم مساعد حقّقوا تقدّمًا في التعلّم يعادل ما يتعلّمه الطالب عادة في عامين، وذلك خلال ستّة أسابيع فقط! الأكثر إثارة للاهتمام أنّ الفتيات اللواتي كنّ متأخّرات في الأداء حقّقن تقدّمًا أكبر، ممّا يشير إلى قدرة هذه التقنيّة على سدّ الفجوات في التعلّم. يقول أحد الطلّاب المشاركين: “الذكاء الاصطناعيّ يساعدنا في التعلّم، يمكن أن يكون معلّمًا خاصًّا، يمكن أن يكون أيّ شيء تريده، يعتمد ذلك على كيفيّة توجيهك له.”
كيف يغيّر الذكاء الاصطناعيّ تجربة طلّابنا؟
يتعلّم ابنك الرياضيّات، ويواجه صعوبة في الكسور. برنامج التعلّم الذكيّ يلاحظ ذلك فورًا، ويقدّم له تمارين إضافيّة مصمّمة خصّيصًا له، ويعرض الموضوع بطريقة مختلفة تناسب أسلوب تعلّمه. هل يتعلّم بشكل أفضل من خلال الصور؟ سيحصل عليها. هل يفهم من خلال الأمثلة العمليّة؟ ستكون جاهزة له. للأسف ليس هذا ما يحدث اليوم، فالطلبة قد يستخدمونه لحلّ الواجبات، لكنّ هذه الإمكانيّة موجودة حقًّا اليوم.
ماذا عن المعلّمين؟
تخيّلوا أن تختفي ساعات التصحيح الطويلة، وأن يتحوّل وقت المعلّم من العمل الورقيّ المملّ إلى التفاعل المباشر مع الطلّاب. يمكن للذكاء الاصطناعيّ أن يصحّح الواجبات الروتينيّة، ويحلّل أداء الطلّاب، ويقترح خططًا تعليميّة مخصّصة لكلّ طالب. أليس هذا ما يريده كلّ معلّم – المزيد من الوقت للتعليم الحقيقيّ واستثمار العلاقة الإنسانيّة مع الطالب؟
كيف يساعد الأهل؟
هل سبق أن شعرتم بالعجز عن مساعدة أبنائكم في واجباتهم؟ تخيّلوا مساعدًا ذكيًّا يمكنه شرح المفاهيم الصعبة بطرق متعدّدة، ويقدّم أمثلة إضافيّة، ويساعد في حلّ المسائل خطوة بخطوة. هذا ليس بديلًا عن دوركم، بل أداة تدعمكم وتدعم أبناءكم، وتوفّر لكم وقتًا ثمينًا يمكنكم استغلاله في بناء علاقات إيجابيّة مع الأطفال.
تجارب مثيرة في الصفّ
إليكم كيف يبدو ذلك من خلال سيناريوهات ممكنة اليوم:
- طلّاب الجغرافيا يستكشفون أعماق المحيطات وسطح المرّيخ من خلال الواقع الافتراضيّ المدعوم بالذكاء الاصطناعيّ.
- طلّاب اللغة الإنجليزيّة يتحدّثون مع شخصيّات تفاعليّة ذكيّة تصحّح نطقهم وتحسّن مهاراتهم.
- طلّاب اللغة العربيّة يحصلون على محرّر يكتشف أنماط الخطأ لديهم ويدرّبهم على كتابة المقالات.
- طلّاب العلوم يجرون تجارب افتراضيّة معقّدة دون مخاطر أو تكاليف.
مخاوف مشروعة وإجابات واقعيّة
نعم، المخاوف موجودة. هل سيعتمد الطلّاب على التكنولوجيا بشكل مفرط؟ هل سيفقدون مهارات التفكير الأساسيّة؟ الإجابة بسيطة: الذكاء الاصطناعيّ أداة، مثل الآلة الحاسبة تمامًا. لم تجعلنا الآلة الحاسبة أقلّ قدرة على التفكير الرياضيّ، بل مكّنتنا من حلّ مسائل أكثر تعقيدًا، وهذا بشرط أن نفهم آثار الأداة على التعلّم ونتبنّاها بطريقة تمنع إساءة الاستخدام، وتجعل الفوائد تتعاظم، والمخاسر تتقلّص.
مستقبل نراه اليوم
في مدرستنا، نرى هذا المستقبل يتشكّل. طلّاب يتعلّمون بسرعات مختلفة وبعضهم يستعين بالذكاء الاصطناعيّ للمراجعة والدراسة والتلخيص، ويتعلّمون كيف يستخدمون أدوات المستقبل. معلّمون يقضون وقتًا أكثر في التفاعل المباشر مع طلّابهم، وتعليم يتكيّف مع احتياجات كلّ طالب. نحن لا ننتظر المستقبل نحن نصنعه.
هل لديكم تجارب مع استخدام الذكاء الاصطناعيّ في التعلّم؟ هل لديكم أفكار حول كيفيّة استخدامه بشكل أفضل؟ شاركونا تجاربكم وأفكاركم. معًا، يمكننا جعل التعليم أكثر إثارة وفاعليّة لأبنائنا.